أنواع الاختبارات النفسية المنطوقة وغير المنطوقة

تعد الاختبارات النفسية من الأدوات الأساسية المستخدمة في مجال علم النفس لتقييم الجوانب المختلفة لشخصية الفرد، سلوكياته، وقدراته العقلية. تنقسم هذه الاختبارات إلى نوعين رئيسيين: الاختبارات النفسية المنطوقة و الاختبارات النفسية غير المنطوقة. تختلف هذه الأنواع في طريقة تقديمها وطبيعة الأسئلة، وكذلك في المعلومات التي توفرها للمختبرين. في هذا المقال، سنستعرض كلا النوعين من الاختبارات النفسية، مع التركيز على خصائصهما واستخداماتهما.

الاختبارات النفسية المنطوقة

الاختبارات النفسية المنطوقة هي تلك التي تعتمد على الحوار المباشر بين المختبر (المُقيّم) والمُختبَر (الشخص الذي يتم تقييمه). يتم تقديم الأسئلة شفهياً، ويطلب من الفرد الرد عليها بشكل شفوي أو من خلال النقاش. قد تكون هذه الاختبارات فردية أو جماعية، وهي تعد وسيلة فعّالة لقياس الجوانب العقلية والمعرفية، بالإضافة إلى تقييم الشخصية والعواطف.

1. اختبارات المقابلات الشخصية (Interview-based tests)

تعد المقابلات من أقدم الأساليب المنطوقة المستخدمة في علم النفس. يمكن أن تكون المقابلة هيكلية (structured) حيث يُطرح على المُختبر أسئلة محددة مسبقاً، أو غير هيكلية (unstructured) حيث يتاح للمختبر حرية طرح الأسئلة بناءً على ردود الشخص المُختبَر. تُستخدم المقابلات في العديد من السياقات، مثل التقييمات النفسية، وتشخيص الاضطرابات النفسية، وتحديد الشخصية، وفحص القدرة على التفاعل الاجتماعي.

2. الاختبارات الادراكية (Cognitive Tests)

يُستخدم هذا النوع من الاختبارات لقياس القدرات المعرفية مثل الذاكرة، والانتباه، والتفكير المنطقي. بعض الاختبارات المنطوقة مثل اختبار “ويش”(WAIS) و اختبار “ستانفورد-بينيه” (Stanford-Binet) تعتمد على التفاعل اللفظي بين المختبر والمُختبَر لقياس الذكاء بشكل دقيق، حيث يُطلب من الشخص حل مسائل رياضية أو منطقية شفهياً. على الرغم من أن هذه الاختبارات قد تتضمن مكونات غير شفهية، إلا أن جانبها المنطوق يكون محورياً في تقييم الذكاء.

3. الاختبارات الشخصية المنطوقة

الاختبارات التي تركز على تقييم الشخصية، مثل اختبار “Rorschach” (اختبار الحبر)، غالباً ما تشمل أسئلة لفظية مباشرة، حيث يُطلب من الشخص وصف تجاربه أو تصرفاته في مواقف محددة. كما أن اختبار “MMPI” (اختبار الشخصية المتعدد الأبعاد) هو اختبار نفسي يستخدم أسئلة مفصلة لقياس العديد من جوانب الشخصية والحالة النفسية للمريض. في هذه الاختبارات، يعتمد المختبر على الردود اللفظية من الأفراد لتقييم ميولهم العاطفية والنفسية.

الاختبارات النفسية غير المنطوقة

على عكس الاختبارات المنطوقة، تركز الاختبارات النفسية غير المنطوقة على جمع المعلومات دون الحاجة إلى التفاعل اللفظي بين المختبر والمُختبَر. يتم استخدام هذه الاختبارات لقياس جوانب مختلفة من الشخصية، العواطف، والدوافع، وغالباً ما تكون أكثر موضوعية وأقل عرضة للتأثيرات الخارجية مثل التفاعل الشخصي.

1. الاختبارات الإسقاطية (Projective Tests)

تعد الاختبارات الإسقاطية من أشهر أنواع الاختبارات غير المنطوقة. تعتمد هذه الاختبارات على فكرة أن الفرد ينعكس سلوكه أو مشاعره بشكل غير واعٍ في ردوده على المواد المقدمة له، مثل الصور أو الأشكال الغامضة. من أشهر هذه الاختبارات اختبار “Rorschach” (اختبار بقع الحبر)، حيث يُطلب من الشخص تحديد ما يراه في بقع الحبر، وهو اختبار يستخدم لفهم مشاعر الفرد وميوله غير الواعية.

2. اختبار الألوان (Color Tests)

مثل اختبار “Lüscher”، وهو اختبار يعتمد على اختيار الألوان المفضلة لدى الفرد، حيث يُعتقد أن الشخص يختار الألوان بناءً على حالته النفسية والعاطفية. هذا النوع من الاختبارات لا يتطلب تفاعلاً لفظياً بل يركز على اختيار الشخص للألوان وترتيبها وفقاً لتفضيلاته، مما يكشف عن جوانب من شخصيته.

3. الاختبارات المعتمدة على المحاكاة والتفاعل مع بيئة مادية (Non-verbal Behavioral Tests)

تعتبر هذه الاختبارات من الأنواع التي لا تعتمد على أي نوع من التواصل اللفظي. على سبيل المثال، يتم استخدام اختبار “Doll Play” للأطفال، حيث يُطلب من الأطفال اللعب مع دمى في سيناريوهات معينة، مما يساعد على فهم مشاعرهم وتفاعلاتهم العاطفية. كما يُستخدم اختبار “TAT”(اختبار الموضوعات الصورية) وهو اختبار يعتمد على عرض صور لأفراد في مواقف غير مكتملة، ويُطلب من الشخص أن يروي قصة حول الصورة، مع العلم أن التفسير يتم استناداً إلى تصرفات الشخص تجاه الصور أكثر من الكلمات التي قد يقولها.

4. الاختبارات المعتمدة على الكتابة أو الرسم

الاختبارات والتقييمات المبنية على تحليل خط اليد Graphology و الرسومات حيث إنها تساعد في الكشف عن جوانب غير واعية في شخصية الفرد، إذ يمكن للأنماط في الكتابة أو الرسومات أن تكشف عن حالات نفسية، اهتمامات، وصراعات داخلية قد لا يكون الفرد مدركًا لها على المستوى الواعي.

الاختبارات النفسية المنطوقة مقابل الاختبارات النفسية غير المنطوقة

على الرغم من أن الاختبارات المنطوقة توفر معلومات دقيقة عن الإدراك العقلي والتفاعلات الشخصية، فإن الاختبارات غير المنطوقة تقدم رؤى أعمق حول العمليات النفسية التي قد لا يدركها الأفراد بشكل واعٍ. بينما تعتمد الاختبارات المنطوقة على الكلمات واللغة، مما يمكن أن يحد من قدرة الفرد على التعبير عن مشاعره الحقيقية، فإن الاختبارات غير المنطوقة تتيح المجال للمختبر لفهم مكنونات الفرد النفسية بشكل أقل عرضة للتأثيرات الخارجية.

تعتبر الاختبارات النفسية المنطوقة وغير المنطوقة أدوات حيوية لفهم الشخصيات والسلوكيات المختلفة. تُستخدم الاختبارات المنطوقة لتقييم القدرات العقلية، الشخصية، والتفاعلات الاجتماعية بشكل مباشر من خلال الحوار، بينما تقدم الاختبارات غير المنطوقة إمكانيات لاكتشاف الجوانب اللاواعية والعاطفية من شخصية الفرد. على الرغم من اختلاف الطرق المستخدمة في كل نوع، إلا أن كلا النوعين يكملان بعضهما البعض في تقديم صورة شاملة عن الصحة النفسية للفرد وسلوكياته.

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore magna aliqua.